اسم الكتاب: طبع الكتاب باسم: التفسير، بتحقيق أحمد بن عبدالله العماري الزهراني، وقد حقق جزءاً من سورة البقرة، وهو رسالة دكتوراه من جامعة أم القرى بمكة، مطبوع باشتراك ثلاث دور نشر: مكتبة الدار، ودار طيبة، ودار ابن القيم، والمجلد الثاني في آل عمران، تحقيق الدكتور: حكمت بشير الموصلي. وبقية أجزائه محققة في رسائل علمية في جامعة أم القرى، علمًا أن التفسير - وإلى يومنا هذا- لم يعثر عليه كاملًا، والله أعلم. وطبع باسم: تفسير القرآن العظيم مسندًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، بتحقيق أسعد محمد الطيب، وصدر عن مكتبة نزار مصطفى الباز - ، سنة 1419 هـ. وهذا الاسم هو الموجود على ظهر النسخة الخطية للكتاب، وهو المناسب لمضمون الكتاب. توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه: كتاب التفسير الذي بين أيدينا ثابت النسبة إلى ابن أبي حاتم رحمه الله، ومما يؤكد ذلك ما يلي: 1. فقد نسبه إليه عدد ممن ترجم له، واشتهرت لدى أهل العلم نسبته إليه؛ وممن نسبه إليه: الذهبي، والسيوطي، وذكره ابن حجر ضمن مسموعاته في المعجم المفهرس برقم (365)، وكذا نسبه إليه سزكين في تاريخ التراث العربي، وأصحاب كتب الفهارس والأثبات. 2. وقد نقل عنه واستفاد منه جمع من الأئمة والحفاظ؛ منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية؛ وقد رأيت أن شيخ الإسلام يُكثر النقل عنه في سائر كتبه، وممن نقل عنه كذلك: الذهبي في السير، وابن رجب في جامع العلوم والحكم، وأكثر ابن كثير في التفسير من النقل عنه، وابن حجر في غير كتاب له، منها: فتح الباري وقد أكثر من النقل عنه، وتغليق التعليق، والإصابة، والعجاب، وغيرها، والسيوطي في الدر المنثور، وغيرهم. 3. وجود اسم الكتاب على ظهر النسخة الخطية منسوباً للإمام ابن أبي حاتم. 4. أسانيد المؤلف في هذا الكتاب؛ حيث أن الشيوخ الذين روى عنهم هم شيوخ ابن أبي حاتم الذين يروي عنهم في كتبه الأخرى. سبب تأليف الكتاب: قد أبان ابن أبي حاتم عن سبب تأليفه للكتاب في المقدمة حيث قال: سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصراً بأصح الأسانيد, وحذف الطرق والشواهد, والحروف والروايات, وتنزيل السور, وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا, دون غيره مقتصين تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك, فأجبتهم إلى ملتمسهم, وبالله التوفيق, وإياه نستعين, ولا حول ولا قوة إلا بالله. فبين أن سبب تأليفه لهذا الكتاب هو إجابة لسؤال جماعة من إخوانه من أهل العلم. منهج ابن أبي حاتم في تفسيره: إن المطالع لمقدمة المؤلف لكتابه هذا، يجده قد أبان عن منهجه فيه أحسن إبانة، حيث قال - بعد أن ذكر سبب تأليف الكتاب-: ".. فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا, وأشبهها متنا, فإذا وجدت التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أذكر معه أحدا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك, وإذا وجدته عن الصحابة فإن كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة, بأصح الأسانيد, وسميت موافقيهم بحذف الإسناد, وإن كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم, وذكرت لكل واحد منهم إسنادا, وسميت موافقيهم بحذف الإسناد, فإن لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة, وكذا أجعل المثال في أتباع التابعين وأتباعهم, جعل الله ذلك لوجهه خالصاً, ونفع به. ويمكننا أن نلخص منهجه فيما يلي: 1. بدأ كتابه بمقدمة ذكر فيها: سبب تأليفه للكتاب، وبين فيها منهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب. وذكر فيها أسانيده إلى الأئمة الذين أورد آثارهم في تفسيره من غير إسناد، فقال: فأما ما ذكرنا عن أبي العالية في سورة البقرة بلا إسناد فهو ما حدثنا عصام بن رواد العسقلاني ثنا آدم عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية. وما ذكرنا فيه عن السدي بلا إسناد فهو ما حدثنا أبو زرعة عمرو بن حماد بن طلحة ثنا أسباط عن السدي. وما ذكرنا عن الربيع بن أنس بلا إسناد فهو ما حدثنا أبي ثنا أحمد بن عبدالرحمن الدشتكي ثنا عبدالله بن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع بن أنس. وما ذكرنا فيه عن مقاتل فهو ما قرأت على محمد بن الفضل بن موسى، عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، عن محمد بن مزاحم، عن بكير بن معروف، عن مقاتل. 2. يسوق المؤلف الأحاديث والآثار بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى الصحابة والتابعين رضي الله عنهم. 3. بين المؤلف في المقدمة أنه تحرَّى إيراد أصح الأخبار إسناداً، وأقربها متناً لمعنى الآية التي يفسرها. 4. كما بين في المقدمة أن ألَّف تفسيره مختصراً؛ حيث قال: " .. مختصراً بأصح الأسانيد, وحذف الطرق والشواهد, والحروف والروايات, وتنزيل السور, وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا, دون غيره مقتصين تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك.. 5. إذا وجد التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يذكر معه شيئًا مما ورد عن الصحابة في تفسير الآية. 6. فإن لم يجد التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجده مرويًّا عن الصحابة وقد اتفقوا على هذا الوجه من التأويل؛ فإنه يذكر أعلاهم درجة بأصح الأسانيد، ثم يسمِّي من وافقهم بغير إسناد، وإن كان ثَمَّ اختلاف في التفسير، ذكر الخلاف بالأسانيد، وسمَّى من وافقهم وحذف إسناده. مثال ذلك: قوله في تفسير الفاتحة: " قوله: {الصراط المستقيم}: حدثنا الحسين بن عرفة، حدثني يحيى بن اليمان، عن حمزة الزيات، عن سعد الطائي، عن ابن أخي الحرث الأعور، عن الحارث قال: دخلت على علي بن أبي طالب فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصراط المستقيم كتاب الله. والوجه الثاني: حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح أن عبدالرحمن ابن جبير بن نفير حدثه عن أبيه، عن نواس بن سمعان الأنصاري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ضرب الله مثلا صراطاً مستقيماً، والصراط: الإسلام. والوجه الثالث: حدثنا سعدان بن نصر البغدادي، ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، أبنا حمزة ابن المغيرة عن عاصم الأحول عن أبي العالية: {إهدنا الصراط المستقيم} قال: هو النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده. قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن فقال: صدق أبو العالية ونصح. والوجه الرابع: ثنا يحيى بن عبدك، ثنا خالد بن عبدالرحمن المخزومي ثنا عمر بن ذر عن مجاهد في قوله الصراط المستقيم قال: الحق. حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن العلاء أبو كريب، ثنا عثمان بن سعيد الزيات، ثنا بشر بن عمارة ثنا أبو روق عن الضحاك، عن ابن عباس: اهدنا الصراط المستقيم يقول: ألهمنا دينك الحق، وهو لا اله إلا الله وحده لا شريك له. 7. فإن لم يجد التفسير عن الصحابة ووجده عن التابعين، تصرف مثلما تصرف في تفسير الصحابة. 8. رغم أن المؤلف حرص على إيراد الأحاديث والآثار بأصح الأسانيد فإن كتابه قد حوى الصحيح والحسن والضعيف، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (7/299، 300)، حيث عده من التفاسير التي تنقل الصحيح والضعيف، فلا بد من بيان أن هذا المنقول من قسم الصحيح دون الضعيف. ومثال ما أورده من الآثار وهو ضعيف: قوله في الأثر (رقم 100): أخبرنا محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية العوفي فيما كتب إلي حدثني أبي، حدثني عمي الحسين، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس في قوله: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم }، والغشاوة على أبصارهم. فقد قال الشيخ أحمد شاكر عن هذا الأثر: إن هذا الإسناد مسلسلٌ بالضعفاء من أسرة واحدة، وهو معروف عند العلماء بتفسير العوفي. 9. لا يكتفي المؤلف بإيراد وجهٍ واحد في تفسير الآية، بل يورد في تفسيرها كل ما وقف عليه من وجوهٍ وأقوال. مميزات تفسير ابن أبي حاتم: يعد تفسير ابن أبي حاتم رحمه الله خير مثال للتفسير بالمأثور، مما حدا بكثير ممن جاء بعده ممن صنف في التفسير بالمأثور أن يقتبس منه ويستفيد منه، كالبغوي، وابن كثير، حتى إن السيوطي ليقول في تفسيره " الدر المنثور ": لخصت تفسير ابن أبي حاتم في كتابي. حفظ لنا كثيرًا من التفاسير المفقودة، مثل تفسير سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وغيرهما. امتاز هذا التفسير بأنه جمع بين دفتيه تفسير الكتاب بالسنة وآثار الصحابة والتابعين بالإسناد. أن المؤلف قد اختار الأحاديث والآثار بأصح الأسانيد. انفرد بمرويات كثيرة لا توجد لدى غيره وبأسانيده، ويدل على هذا أنه من خلال جمع مروياته مثلاً من كتاب الدر المنثور للسيوطي نجد أن السيوطي يذكر الرواية ولم ينسبها إلى غير ابن أبي حاتم، وكذلك ابن كثير. إن معظم التفاسير تنقل عنه كثيراً من الآثار والروايات التي أوردها، فهو مصدر أصيل معتمد لدى جمهور علماء التفسير في كل العصور بعده. ثناء العلماء على تفسير ابن أبي حاتم: لقد أثنى العلماء على تفسير ابن أبي حاتم في القديم والحديث، وعدوه من أهم المصادر في معرفة آثار الصحابة والتابعين في التفسير؛ فممن أثنى عليه: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث يقول في "مجموع الفتاوى" (15/201): "وابن أبي حاتم قد ذكر في أول كتابه في التفسير أنه طُلب منه إخراج تفسير القرآن مختصرًا بأصح الأسانيد، وأنه تحرى إخراجه بأصح الأخبار إسنادًا، وأشبعها متنًا، وذكر إسناده عن كل من نقل عنه شيئًا". وقال في "منهاج السنة" (7/13): " أما أهل العلم الكبار: أهل التفسير، مثل: محمد بن جرير الطبري، وبقي ابن مخلد، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، وأمثالهم، فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات ....". وقال أيضاً في "منهاج السنة" (7/178): "من أئمة التفسير الذين ينقلونها بالأسانيد المعروفة، كتفسير ابن جريج، وسعيد بن أبي عروبة، وعبدالرزاق، وابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وغيرهم من العلماء الأكابر، الذين لهم في الإسلام لسان صدق، وتفاسيرهم متضمنة للمنقولات التي يعتمد عليها في التفسير". وكذلك أثنى عليه الحافظ الذهبي، حيث في سير أعلام النبلاء (13/264): .. وله " تفسير " كبير في عدة مجلدات، عامته آثار بأسانيده، من أحسن التفاسير. وقال السيوطي في الدر المنثور (8/699): قال الحافظ حجر رضي الله عنه في أول كتابه أسباب النزول وسماه " العجاب في بيان الأسباب ": الذين اعتنوا بجمع التفسير المسند من طبقة الأئمة الستة أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ويليه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، وأبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم بن إدريس الرازي، ومن طبقة شيوخهم عبد بن حميد بن نصر الكشي فهذه التفاسير الأربعة قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين.. استفادة المفسرين من ابن أبي حاتم: استفاد العلماء الذين صنفوا في التفسير من تفسير ابن أبي حاتم قديماً وحديثاً، وهذا أمر ظاهرٌ جداً في كتب التفسير؛ وممن أخذ عنه: الحسين بن مسعود البغوي في كتابه معالم التنزيل، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى – وقد رأيت أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يُكثر النقل عنه في عامة كتبه-، والحافظ ابن كثير نقل عنه في كتابه تفسير القرآن العظيم الشيء الكثير. وابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، وأما السيوطي فقال في تفسيره "الدر المنثور": فقد لخصت تفسير ابن أبي حاتم في كتابي. واستفاد منه الإمام الشوكاني كثيراً في فتح القدير، والآلوسي في " روح المعاني " وغيرهم من الأئمة والمصنفين.