إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما …
أما بعد ……..
أيها المسلمون فلا يخفى ما وقع فيه كثير من الناس من الانزلاق في هاوية الفتنة التي لا يخشى عليه وحده منها بل يخشى عليه وعلى غيره فإن الله يقول (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) إن الفتنة التي أعنيها فتنة النساء التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) إنها فتنة وقع فيها من وقع من أراجل الناس حتى استأثروا لهواهم وعميت بصائرهم فانطمست أدبارهم وصاروا يمشون في السوق كأنهم عمي صاروا يتبعون النساء في الشوارع والأسواق وكذلك في محلات البيع والشراء تغزل وصفير وهمسات وربما لمسات يتخبطون خبط عشواء كأنهم لا يرون الناس حولهم أو كأن الناس حولهم بهائم لا من البشر لأنهم منغمسون في سكرة الشهوة مستهترون بالأخلاق متحدون للمجتمع غير خائفين من الله ولا راحمين لعباد الله إن الواجب علينا ونحن أمة مسلمة أن ننكر هذه الأعمال من أولئك ننكرها لأنها تنافي صفات المؤمنين بالله واليوم الآخر ننكرها لأنها وسيلة إلى الزنا الذي قال فيه الله عز وجل (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) (الاسراء:32) ننكر هذه الأعمال لأنها إخلال بالأمن ونشر للخوف والذعر والفوضى ننكرها لأنها سبب للعقوبة العاجلة والإثم في الدار الآخرة أيها المسلمون إننا نقرأ وكأننا والله لا نقرأ إننا نقرأ قول ربنا عز وجل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الاسراء:16) هكذا يقول الصادق هكذا يقول الله تعالى وهو أصدق القائلين هكذا يقول الرب وهو لا يخلف القول إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وقال عز وجل حين ذكر ما يتجنبه عباد الرحمن ومنه الزنا قال (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً) (الفرقان:68-69) أيها المسلمون وإن من الأخلاق السافلة البذيئة الرديئة ما يحصل من بعض السفهاء من الإستيطال بالمحصنات الغافلات المؤمنات عن طريق الهاتف وإيذائهن وإيذاء أهليهن وإلحاق التهمة بهن أولئك الذين يتصلون بالهواتف يغازلون النساء ويخدعوهن ويغروهن بالأماني الكاذبة والحب والغرام وأقبح من ذلك وأقبح من تكون سمساراً لأخيها أو قريبها إن بعض إن بعض الفتيات في المدارس يخدعن بعضاً تقول المرأة أو تقول الفتاة لصاحبتها إن أخاها يحبها فاتصلي عليه أو أقبليني أي وقت يتصل علي فتكون والعياذ بالله بمنزلة القوادة للزنا إن علينا أن نراقب هذه الهواتف علينا أن نراقب فتياتنا علينا أن نحذر من أن تحيط بنا عقوبة لا نستطيع الخلاص منها أيها المسلمون إن هذه الأخلاق السافلة والأعمال السيئة التي انحط إليها بعض الناس لم توجد في مجتمعنا إلا حين ضعف الدين وضعفت الغيرة وانتشرت أسباب الفتنة أما ضعف الدين فإنه لو كان عند هؤلاء المفتونين بالنساء لو كان عندهم قوة في الدين ما تجرءوا على فعلهم لو كان عندهم قوة في دينهم ما وقعوا في معصية ربهم وأشغلوا قلوبهم بذكر المخلوق عن ذكر الخالق قال الله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30) وأما ضعف الغيرة فإنه لو كان عند هؤلاء المتتبعين للنساء المفتونين بهن لو كان عندهم قوة في غيرتهم ما تجرءوا على فعل هذا وفتنوا نساء إخوانهم ومواطنيهم إن مقتضى الاخوة أن يغار هؤلاء على نساء إخوانهم ومواطنيهم كما يغارون على نسائهم أنفسهم وإني لسائل هؤلاء الذين فتنوا بالنساء لسائلهم أيرضى أحد منهم أن تتبع امرأته أو ابنته أو أخته أو أحد من نسائه أو تغازل في السوق أو من طريق الهاتف إذا كان هؤلاء لا يرضون ذلك في أهليهم فكيف تسول له نفسه أن يفعله في أهل غيره إنني أحذر هؤلاء المفتونين أن يسلط على أهليهم من يفعل بهم مثل ما فعلوه بأهل غيرهم أو أن يبتل أحد من ذريتهم بهذا الدواء إنني أحذرهم أن يبتلى أحد من ذريتهم بهذا الداء العضال وأما أسباب الفتنة فكثيرة منها وسائل الإعلام المسموعة والمنظورة والمقروءة يقع بين أيدي الشباب من ذكور وإناث صحف ومجلات فيها الصورة والكلام يثير الشهوة ويعطف بالعاطفة ويلهب نار العتق وإن من هذه الوسائل الخبيثة ما انتشر بين الناس من المجلات مجلات الأزياء التي توجد في البقالات وعند خياط النساء هذه المجلات الخبيثة التي تعرض الأزياء بشكل مزر بالخلق مزر بالدين مزر بالمروءة إنني أناشد هؤلاء الذين يجلبون هذه المجلات إلى بلاد مؤمنة آمنة بعيدة عن الفحشاء والمنكر أناشدهم أن يبعدوها عن بلادنا فإن هم فعلوا وإلا فالواجب على ولاة الأمور أن يصادروا هذه المجلات الخبيثة الخليعة الفاسدة المفسدة أيها المسلمون إن من أسباب هذه الفتنة أيضاً ما أنعم الله به على هذه البلاد من الصحة والفراغ لكثرة المال وحسن الغذاء واستتباب الأمن والرخاء فأصبحت القلوب فارغة والأبدان عاطلة ولهذا لا تكاد تجد مفتوناً بهذه الفتنة إلا أحد رجلين إما رجل فاسد ليس له عمل يشتغل به فيلهيه ويلحقه بركب الرجال الشرفاء فهو لا يعلم ولا يتعلم ولا يعمل عملاً خاصاً ولا بوظيفة لدى الحكومة أو غيرها استهوى عليه الهوى فهوى به واستعجب الملح فباء بعذابه وإما رجل ذو عمل لكنه مضيع لعمله غير مبالي بما يترتب على إضاعته من مكائد وقيمة وعواقب سيئة أما الرجل المؤمن الشريف الحازم فلم ينزل بنفسه إلى سفاسف الأمور وأراذلها لأنه رجل لأنه مؤمن لأنه شريف لأنه حازم فلا يمكن أن ينزل بنفسه إلى هذه السفاسف وإن من أسباب الفتنة ما يقوم به بعض النساء من سلوك شاذ في الملبس والمظهر وغير ذلك سلوك يجر إليهن الفتنة وينأ بهن عن نهج السلف الصالح تجد بعض النساء تخرج إلى السوق متبرجة بأجمل ما عندها من لباس ثم تستره بعباءة قصيرة أو رهيفة أو مرفوعة ليبرز ما تحتها من الثياب الجميلة فتكون كاسية عارية لباسها لباس نساء النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صنفان من أهل النار لم أراهما بعد وذكر نساءً كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) وإن من النساء من تخرج إلى السوق متحلية بالذهب والساعات الجميلة تمشي في السوق كاشفة يديها لتفتن من يراها وقد قال ربنا جل وعلا ( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنّ)(النور: من الآية31) ومن النساء من تخرج إلى السوق متطيبة وربما تختار أقوى الأطياب رائحة وألذها شم فلا تمر بأحد يشمه إلا افتتن به أو كاد يفتتن ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ) وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية ) ومن النساء من تخرج إلى السوق شبه ساترة تغطي وجهها بغطاء رهيب لا يستر وجهها وربما يكسوه جمالاً ويستر معايبه أو تغطي وجهها بغطاء صفيق يحجب الوجه لكن تشده عليه شداً قوياً بحيث يبرز مقاطع وجهها ومن النساء من تخرج في السوق تبخراً وتأرجحاً وتمازح رفيقتها إن كانت معها وربما تقف على صاحب الدكان لحاجة أو لغير حاجة فتسترسل بالكلام معه وربما تدعو بالشئ وهي لا تريده لكن لتزيد في الكلام مع صاحب الدكان تقول أعطني كذا وهي لا تريده فإذا جاء به قالت لا أريد هذا أعطني هذا وهكذا لأجل أن تزيد في الكلام وتستمر وقد قال الله تعالى لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين وأطهر النساء عرضاً وأبعدهن عن مواقع الفتن قال (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )(الأحزاب: من الآية32) أيها المسلمون إن ما ذكرناه ليس صوراً في الخيال ولكنه أمر واقع أخبرنا به من نثق به وإننا وقد وصفنا الداء فهل من دواء نعم هناك دواء فما أنزل الله داءاً إلى وأنزل له دواء إن الدواء لهذه المشاكل التي تحدث الفتن إنه يكمن في أن نعرف أنفسنا وأن ننزلها منزلتها حتى نكون قد قدرناها قدرها وذلك أننا أمة مسلمة ندين لله تعالى بدين الإسلام دين العقيدة الصحيحة والآداب العالية والأخلاق الفاضلة هذا الدين الذي ما شرع الله لعباده منذ خلق آدم إلى قيام الساعة ديناً أكمل منه وأتم وأقوم بمصالح الخلق إنه دين الإسلام الذي من الله به علينا ونحن نحمد الله عليه ونستره عليه ونسأله تعالى أن يثبتنا عليه أيها المؤمنون إن الدواء لهذا الداء هو أن هو أن نعرف ما أنعم الله به علينا من هذا الدين وأن نحذر الفتن ونسعى في القضاء عليها وإزالة أسبابها إن على كل منا أن يربأ بنفسه عن سفاسف الأمور وأرازل الأخلاق إن على كل منا أن يكون عنده إيمان يمنعه عن انتهاك حرمات الله إن على كل منا أن يكون له غيرة يحتمي بها ويحمي أهله عن الفتنة إن على كل منا أن يقدر مسئوليته الخاصة والعامة ويحاسب نفسه هل قام بهذه المسؤولة على وجه يرض الله وتبرأ به الذمة إن على كل منا أن يتذكر دائماً قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) إن على كل منا أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فتذكروا أيها المسلمون ذلك وأعدوا لهذه المسؤولية جواباً يكون به صواباً تنجون به إذا وقفتم بين يدي الله عز وجل إن على كل منا أن ينظر في الصحف والمجلات التي بأيدي أولاده من بنين وبنات فإذا رأى ما يخلف فيها بالشرف من من صور أو كتابات أو كلام أن نظم فعليه أن يحرق هذه الصحف وأن يحذر أولاده منها إن كانوا من ذوي الثقافة فليحذرهم بالإقناع وبيان ما تؤدي إليه هذه الأمور من السفور والانحطاط وإن كانوا من غير ذوي الثقافة فإنه بإمكانه أن يحذرهم وأن يؤدبهم بما يليق بأحوالهم أما أن ندع الحبل على الغارب وأن نبقى هكذا مكتفين لا ينظر الإنسان في أهله لا ينظر الإنسان في إخوانه لا يتأمل وينظر ولا ينظر بعين ثاقبة فإننا سوف ننزل إلى الهاوية وسوف تصيبنا المصيبة جميعا اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا في هذا المقام الذي مننت به علينا ونحن في إنتظار فريضة من فرائضك نسألك اللهم أن تحمينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن ترزقنا قلوبنا واعية وأعيناً باصرة وأذاناً سامعة تسمع ما ينفع فتقره وتسمع ما ينكر فتنكره إنك على كل شئ قدير اللهم احمي ولاة أمورنا من الشر والفتن واحمي شعبنا من الضلال والفتن يا رب العالمين اللهم اجعلنا أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحافظ على حدودك يا رب العالمين اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت وأصرف عنا سئ الأخلاق والأعمال لا يسقط عنا سيئها إلا أنت اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين …
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المرتضى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس فإنكم في شهر حرام أحد الأشهر الحرم الأربعة وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب هذه الأشهر الأربعة الحرم التي نص الله عليها في كتابه تنويهاً بذكرها وتعظيماً لشأنها يقول الله تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )(التوبة: من الآية36) هذه الأشهر الحرم يتأكد على الإنسان فيها أن يجتنب معصية الله ويتأكد عليه أن يقوم بطاعة الله لكنه لا يشرع فيها ما لم يأذن به الله فليس في شهر رجب شهر من خصوصيات العبادة لا يخص بصوم دون الأشهر الأخرى ولا يخص بصلاة دون الأشهر الأخرى وكل ما ورد فيه من صلاة أو قيام بخصوصه فإنها أحاديث ضعيفة وبعضها موضوع فلا تغتروا به ولكن يمتاز شهر رجب وغيره من الأشهر الحرم بتأكد اجتناب المعاصي وبتأكد فعل الطاعات أما أن يخص الشهر بصوم أو بطاعة أخرى كالعمرة وما أشبهها فإن ذلك لا أصل له فكونوا أيها المسلمون كونوا مؤمنين عبيداً خالصين لله عز وجل ما أمركم به فاتبعوه وما نهاكم عنه فاجتنبوه وما لم يأذن به من العبادة فلا تفعلوه لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) واعلموا أن اتباع السنة وإن كانت قليلة خير من ابتداع البدعة بل إن البدعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الناس بما يقول وأفصح الناس بما ينطق وأنصح الناس بما يقصد وهو صلى الله عليه وسلم الهادي الذي هدى الله به من الضلالة يقول ( كل بدعة ضلالة ) كل بدعة بدون استثناء وكل للعموم فهي تعم جميع البدع ليس في البدعة في الدين شئ حسن أبداً كل بدعة ضلالة ومن قسم من العلماء البدعة إلى أقسام فإنه بين أمرين إما أن يكون هذا التقسيم باطلاً لا يصح وإما أن يكون المراد بالبدعة ما ليس ببدعة ولكنها بدعة في وسيلتها فقط واعلموا أن خير الحديث كتاب الله وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأن شر الأمور محدثاتها وأن كل محدثة بدعة وأن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) فأكثروا أيها المؤمنون من الصلاة والسلام على رسول الله يعظم الله لكم بها أجرا ولا سيما في يوم الجمعة وأعلموا أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة أتدرون ما الصلاة على رسول الله الصلاة على رسول الله منكم أن تدعوا الله عز وجل بأن يصلي عليه فتقولوا اللهم صلي على محمد أما الصلاة من الله على رسوله فهي أن يثني عليه في الملأ الأعلى عند الملائكة المقربين يثني عليه في الصفات الحميدة التي هو لها أهل صلى الله عليه وسلم فإذا أنتم صليتم عليه مرة واحدة صلى الله عليكم بها عشرا الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته اللهم ارزقنا تحقيق الإيمان به اللهم ارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في المنازل العليا في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضا عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضا عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم اجعل طريقتهم نصب أعيننا نهتدي بها في خاصة أمورنا وعامتها اللهم اجعلهم سلفنا في العمل كما جعلتهم سلفنا في الزمن يا رب العالمين اللهم ارزقنا اتباع أثارهم اللهم أغننا بها عن اتباع طرق الضالين المضلين يا رب العالمين ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنظروا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون …