وأصل الأعمال كلها هو 
المحبة ، فالإنسان لا يعمل إلا لمن يحب ؛ إما لجلب منفعة ، أو لدفع مضرة ، فإذا عمل شيئا ؛ فلأنه يحبه إما لذاته كالطعام ، أو لغيره كالدواء .
وعبادة الله مبنية على المحبة ، بل هي حقيقة العبادة ، إذ لو تعبدت بدون محبة صارت عبادتك قشرا لا روح فيها ، فإن كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته ؛ فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك .
ولهذا لما أحب المشركون آلهتم توصلت بهم هذه المحبة إلى أن عبدوها من دون الله أو مع الله 
والمحبة تنقسم إلى قسمين : 
القسم الأول : 
محبة عبادة : وهي التي توجب التذلل والتعظيم ، وأن يقوم بقلب الإنسان من إحلال المحبوب وتعظيمه ما يقتضي أن يمتثل أمره ويجتنب نهيه ، وهذه خاصة بالله ، فمن أحب مع الله غيره محبة عبادة ؛ فو مشرك شركا أكبر ، ويعبر العلماء عنها بالمحبة الخاصة .
القسم الثاني : 
محبة ليست بعبادة في ذاتها ، وهذه أنواع : 
النوع الأول : المحبة لله وفي الله ، وذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله ؛ أي : كون الشيء محبوبا لله تعالى من أشخاص ؛ كالأنبياء ، والرسل ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين .أو أعمال ، كالصلاة ، والزكاة ، وأعمال الخير ، أو غير ذلك 
وهذا النوع تابع للقسم الأول الذي هو محبة لله .
النوع الثاني : محبة إشفاق ورحمة ، وذلك كمحبة الولد ، والصغار ، والضعفاء ، والمرضى .
النوع الثالث : محبة إجلال وتعظيم لا عبادة ، كمحبة الإنسان لوالده ، ولمعلمه ولكبير من أهل الخير .
النوع الرابع : محبة طبيبعية ، كمحبة الطعام ، والشراب ، والملبس ، والمركب ، والمسكن .
وأشرف هذالأنواع 
النوع الأول ، والبقية من قسم 
المباح ؛ إلا إذا 
اقترن بها ما يقتضي التعبد صارت عبادة ؛ فالإنسان يحب والده محبة إجلال 
وتعظيم ، وإذا اقترن بها أن يتعبد لله بهذا الحب من أجل أن يقوم ببر والده صارت 
عبادة ، وكذلك يحب ولده محبة شفقة ، وإذا اقترن بها ما يقتضي أن يقوم بأمر 
الله بإصلاح هذا الولد صارت عبادة ، كذلك المحبة الطبيعية ؛ كالأكل والشرب 
والملبس والمسكن إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة ولهذا (( 
حبب للنبي 

 النساء والطيب )) (1) من هذه الدنيا ، فحبب إليه النساء 
لأن ذلك مقتضى الطبيعة ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، وحبب إليه 
الطيب ؛ لأنه ينشط النفس ويريحها ويشرح الصدر ، ولأن الطيبات للطيبين ، والله
طيب لا يقبل إلا طيبا ، فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة صارت 
عبادة ، قال النبي 

 : (( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى )) (
2) وقال العلماء : إن ما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب ، وقالوا : الوسائل لها 
أحكام المقاصد وهذا أمر متفق عليه .
.................................................. .............
(1) صحيح والحديث أخرجه النسائي : ( 7\61) في كتاب عشرةالنساء باب حب النساء وفي الكبرى (8887، 8888) وأحمد (3\128، 285،199) ، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وهو كما قال .
(2) صحيح 
المصدر : القول المفيد على كتاب التوحيد شرح الشيخ العثيمين رحمه الله ج2 ص4،3