عرض مشاركة واحدة
ابو حمزة غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 4 )  أعطي ابو حمزة مخالفة
ابو حمزة
مشرف القران الكريم

رقم العضوية : 271
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 76 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 10-30-2011 - 07:37 AM ]

قال الأنصار في تواضع عجيب:
بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المن والفضل.
لم يذكر الأنصار أفضالهم على الدعوة، لم يذكروا أنهم، وإن كانوا آمنوا، واهتدوا، واغتنوا؛ فذلك لأنهم قدموا الكثير والكثير، قدموا أرواحهم وديارهم وأرضهم، قدموا الرأي والمشورة، وقدموا السمع والطاعة، وقدموا رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر ما يحبون، أما هؤلاء القريشون الذين امتلأت جيوبهم الآن، فلم يقدموا إلا كفرًا وجحودًا وحربًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة ثماني سنوات في المدينة، وقبلها في مكة، لم يذكر الأنصار كل ذلك؛ لأنهم يعلمون أن نعمة الهداية التي حصلوها بنصرة هذا الدين لا تعدلها دنيا، ولا غنيمة، فاكتفوا بالقول الرائع: لله ورسوله المن والفضل.
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعلم كيف يزن الأمور، ويعرف للرجال قدرهم، وفضلهم ويقوّم الأشياء، فيحسن التقويم صلى الله عليه وسلم، قال:
أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ، فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدِّقْتُمْ: أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاكَ.
لم يقل الأنصار ذلك مع كونه حقيقة، منعهم أدبهم، وفضلهم، وإيثارهم، وتقديرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب قلوب الأنصار في مقالة رقيقة حانية، قال:
أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا
(لعاعة نبات صغير رقيق أي أن كل ما أعطيه لهم لا يساوي شيئًا)
تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا، وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ؟

أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ، وَالْبَعِيرِ، وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ؟

فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الْأَنْصَارِ،
وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ،
اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْأَنْصَارَ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ، وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ.
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم،
وقالوا:
رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسمًا وحظًا.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا.
بهذه الكلمات القليلات، وبهذه المخاطبة لقلوب الأنصار النقية، انتهت الفتنة في دقائق معدودة، ها هم الأنصار ينصرفون باكين، بهذه الكلمات نفوسهم راضية، وأفئدتهم مطمئنة، وفي لحظات وجدوا أن مائة بعير، أو مائتين من البعير، أو ثلاثمائة من البعير في يد رجل من رجال قريش أمر لا يساوي شيئًا، هكذا في منتهى البساطة تركوا دنيا واسعة عريضة؛ استجابة لكلمات معدودات طاهرات من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أين حظ نفوسهم؟
أين الدنيا في قلوبهم؟
أين الأثرة أو حب الذات؟
لا شيء
[وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ]
{الحشر:9}.
هؤلاء هم الأنصار الذين اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة؛ لاختيار خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا بد أن ندرس قصة سقيفة بن ساعدة في ضوء هذه الخلفية وهذه الحقائق.


منقول

رد مع اقتباس